أكبر خطأ في مسيرتي كطبيب أسنان: تجاهل صوت المريض
لكل طبيب لحظات مفصلية في حياته المهنية. بالنسبة لي، كانت واحدة من هذه اللحظات في عام 2019، حين أدركت خطأً كان له تأثير كبير على مسيرتي كطبيب أسنان – خطأ لم أستوعبه إلا بعد فوات الأوان.
في تلك السنة، كانت لدي مريضة شابة، أنيقة، تعمل في مجال الحلاقة. كانت تهتم كثيرًا بمظهرها وابتسامتها 😁، وكانت تتوقع مني كطبيب أسنان أن أساعدها في تحقيق الابتسامة التي تحلم بها
. في الجلسة الأولى والثانية كنت أشرح لها مدى صعوبة حالتها، والتحديات التي قد أواجهها في العلاج، والوقت والجهد الذي سأحتاجه. كنت أتكلم كثيرًا… لكنني لم أكن أستمع.بعد الجلسة الثانية، توقفت المريضة عن الحضور، وانتقلت إلى زميلي في نفس العيادة. استغربت في البداية، ثم قررت أن أسأل الزملاء عن السبب. وكانت الإجابة صادمة: “هي لم تشعر أنك كنت تستمع إليها” 😔. كانت تشعر أنني أتكلم فقط عن نفسي، عن صعوبة العمل، دون أن أهتم بما كانت تريده أو تحتاجه فعلاً.
ومع الوقت، لاحظت أن هذه الحالة لم تكن الوحيدة. في تلك الفترة، بدأت ألاحظ تراجعًا في عدد المرضى المراجعين، وكثير منهم كانوا يطلبون الانتقال إلى أطباء آخرين. بدأت أفكر بعمق: هل هناك شيء أفعله بشكل خاطئ؟ وكانت الإجابة واضحة: نعم.
لقد كنت أفتقد واحدة من أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها أي طبيب أسنان – مهارة التواصل الفعال، ومهارة الاستماع للمريض.
اليوم، وبعد سنوات من التجربة والخطأ، أستطيع أن أقول بثقة: لا يكفي أن تكون طبيبًا ماهرًا من الناحية التقنية. يجب أن تكون أيضًا محترفًا في التعامل مع المرضى، أن تستمع إليهم، أن تفهم مخاوفهم، تطلعاتهم، وأن تعبر عن نفسك بطريقة تعطيهم الثقة، لا الخوف أو القلق.
مهارات التواصل ومهارات البيع ليست رفاهية، بل ضرورة.
هي التي تجعلك طبيبًا موثوقًا، وتجعل مرضاك يعودون إليك، ويشعرون أنك إلى جانبهم، لا فوقهم.
لهذا السبب بدأت أشارك تجربتي. ليس لأنني مثالي، بل لأنني ارتكبت أخطاء وتعلمت منها.
وأتمنى أن أساعد أكبر عدد من الزملاء، خاصة الأطباء الجدد، في تجنب هذه الأخطاء، وتعلم المهارات التي لا تُدرّس في الجامعات، لكنها تصنع الفرق الحقيقي في العيادة.
إذا كنت طبيبًا شابًا، فتذكّر: مهارتك في التعامل مع الناس لا تقل أهمية عن مهارتك في حشو العصب أو تركيب التاج.
تعليقات
إرسال تعليق