عندما تصبح الرياضة “عيباً” في بيئة العمل: كيف غيّرت تجربة مريرة نظرتي للإنتاجية والنجاح؟
الأجواء داخل العيادة كانت دائماً هستيرية، فوضى في التنسيق، وغياب كامل للنظام. مديرة العيادة كانت تمضي معظم وقتها خلف باب مكتبها المغلق، متذرعة بالهروب من “إزعاج” الموظفين وشكاواهم. لا أحد كان يسمع، ولا أحد كان يُسمَع.
بعد عام من العمل هناك، قررت أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. وفعلاً، تم تعيين مدير جديد للعيادة، قيل لنا إنه يملك القدرة على إصلاح الوضع ورفع الإنتاجية. أول خطوة قام بها كانت جمع آراء الفريق. طُلب منا كتابة ملاحظاتنا ومقترحاتنا، وتقديمها خلال أسبوع. كتبت رأيي بكل صراحة وشفافية، مؤمناً أن النقد البنّاء هو أول خطوة للتغيير.
لكن المفاجأة كانت أنني كنت أول من طُلب الاجتماع به. دام اللقاء ساعتين ونصف من النقاش. كنت أتحدث عن أهمية النظام، احترام أوقات الراحة، وتوفير بيئة صحية للعاملين، لكن نقطة التحول في الحديث جاءت عندما قال لي:
“رياضتك، كمال الأجسام، ليس لها مكان هنا. لا يمكننا منحك وقتاً للأكل أو الراحة، والمريض ينتظر!”
في تلك اللحظة، توقف الزمن بالنسبة لي. لم أعد أسمعه. كنت فقط أفكر:
رياضتي؟ أكلي؟ شربي؟ هذه الأمور البسيطة التي تحافظ على طاقتي وتركيزي أصبحت فجأة “عيباً”؟!
الواقع أن العيادة لم تكن توفر حتى مكاناً لشرب الماء داخل غرفة العلاج. لا راحة قصيرة، لا تنسيق بين الفِرق، لا احترام لحاجات الجسد أو النفس. كيف نُنتج في بيئة كهذه؟ كيف نخدم المرضى بأفضل ما لدينا ونحن مستنزفون؟
أنا أعرف نفسي. أعرف ما الذي يجعلني أكثر إنتاجية: شرب ماء كافٍ، وجبة خفيفة في وقت مناسب، بيئة فيها تناغم واحترام بين الزملاء. حاولت شرح ذلك، لكن لم يكن هناك من يستمع.
بعد أربعة أسابيع، قدمت استقالتي. لم أغادر وحدي، بل ألهمت زملاء آخرين لفعل نفس الشيء. لأن الإنتاجية لا تأتي من القمع، بل من الفهم. لا تأتي من تجاهل الإنسان، بل من تمكينه.
الرسالة التي أريد مشاركتها من خلال هذه التجربة:
لكي تكون طبيب أسنان ناجح، أو موظف ناجح في أي مجال، عليك أن تفهم نفسك جيداً. متى تكون في قمة طاقتك؟ ما الذي يحفزك؟ ما الذي يدمرك؟
النجاح يبدأ من الداخل، من إدراك احتياجاتك الشخصية والمهنية.
لا تجعل أحداً يقلل من قيمة ما يمنحك طاقتك، حتى لو كان “وجبة خفيفة” أو “رياضة”.
تعليقات
إرسال تعليق