أساليب البيع المبتكرة التي يجب تعلمها في عيادة طبيب الأسنان
منذ فترة، وبينما كنت أستعد للخروج من العيادة في وقت متأخر من المساء، انكسرت نظارتي الطبية. وبما أنني أعتمد عليها كثيراً في عملي، توجهت مباشرة إلى محل نظارات قريب في طريقي إلى المنزل.
 |
| AI 🤖 Picture |
دخلتُ أول محل، شرحت للفني مشكلتي، فأخذ النظارة، نظر إليها ثم قال بجفاف: “ما فيها شيء ممكن يتصلح، لازم تشتري واحدة جديدة.” سكتُّ قليلاً، فتابع بنفس البرود: “عندنا موديلات تبدأ من 200 يورو، روح شوفهم هناك.” لم أشعر بأي رغبة في الشراء، لم يبدُ مهتماً، لم يحاول أن يفهم احتياجي ولا أن يساعدني فعلاً.
خرجت من عنده واتجهت إلى محلٍ آخر. استقبلني شخص آخر بابتسامة وقال: “خليني أشوف النظارة… أوه، هاي الموديل قديم شوي، بس تقدر تمشي حالك به لليوم. بس خليني أفرجيك موديل جديد طالع هالأيام، أخفّ، أقوى، وشكلك حيطلع فيه ممتاز!”
خلال عشر دقائق، كنت قد اقتنعت ودفعت أكثر مما كنت أنوي، بل وأنا راضٍ وسعيد.
لم يكن الموضوع في السعر، بل في الأسلوب. كان هذا الرجل الثاني يملك شيئاً نفتقده كثيراً في عياداتنا الطبية… فن البيع.
البيع ليس عيباً… بل ضرورة!
كأطباء أسنان، نحب أن نركّز على الجانب الطبي والعلمي من المهنة، ونشعر بشيء من التردد عندما نسمع كلمة “بيع” داخل العيادة. وكأنها شيء غير أخلاقي أو لا يليق بنا. ولكن، دعني أقولها بصراحة:
عندما تتقن فن البيع، ستكسب مرضاك، وستكسب رضاهم، وستبني عيادة مزدهرة يحب الجميع العودة إليها.
أنا لا أتحدث هنا عن بيع “خدمات لا يحتاجها المريض”، بل عن أسلوب راقٍ في عرض الحلول المقترحة بشكل واضح، ومقنع، وإنساني.
ما هو “البيع” في عيادة طبيب الأسنان؟
البيع في عيادتك لا يعني تسويق علاجات غير ضرورية، بل هو:
- إقناع المريض بخطة علاج مناسبة له.
- عرض مزايا العلاج بطريقة يفهمها ويقتنع بها.
- التواصل بلغة بسيطة توصل القيمة الحقيقية لما تقدمه.
- خلق تجربة إنسانية يشعر فيها المريض بأنه محل اهتمامك، لا مجرد رقم.
مواقف يومية تُظهر أهمية مهارات البيع
تخيّل هذا الموقف:
مريض دخل العيادة لعلاج ألم بسيط، واكتشفت أن لديه مشاكل أخرى تحتاج إلى تدخل أوسع مثل علاج لثة، تركيبات، أو حتى تقويم.
الفرق بين أن يقول لك: “لا، مش مستعد الآن”، أو أن يقول: “فعلاً، دكتور، خلينا نبدأ”، يعتمد على أسلوبك في إيصال الفكرة.
المريض لا يفهم المصطلحات الطبية، لكنه يفهم:
- ابتسامتك.
- نبرة صوتك.
- الرسائل البسيطة التي توصل له لماذا هذا العلاج مهم، وكيف سيفيده.
خمس مهارات بيع يجب أن تتعلمها كطبيب أسنان
- الاستماع الحقيقي
لا تتسرع في شرح الخطة العلاجية. استمع أولاً، اجعل المريض يشعر بأنه مسموع، وأنك مهتم بما يقلقه. - التواصل البصري ولغة الجسد
انظر إلى المريض، لا إلى الشاشة. تواصل بصري بسيط يمكن أن يعزز الثقة بشكل كبير. - التفسير بلغة غير طبية
لا تقل: “نحتاج لعمل endodontic treatment مع crown لاحقاً.”
قل: “راح ننظف العصب ونسكر السن بشكل دائم، وبعدها نحط عليه غطاء يحميه لفترة طويلة.” - ربط العلاج بالنتيجة المرجوة
“هذا العلاج حيخلّي الابتسامة أحلى” أو “راح تقدر تأكل بدون ألم” أقوى بكثير من مجرد وصف الإجراء. - إغلاق الحوار بإيجابية
لا تقل: “براحتك إذا تحب تبدأ.”
بل قل: “أنا جاهز نبدأ اليوم، وإذا حابب نرتب لك مواعيد مريحة، بنسق معك.”
البيع ليس فقط للمريض… بل لفريقك أيضاً
من تجربتي، أهم جزء في نجاح عملية البيع داخل العيادة هو أن الفريق كله يكون على نفس الموجة.
المساعدة التي تستقبل المريض، الشخص في الاستقبال، مساعد/ة الأسنان… كلهم لازم يعرفوا كيف يخلقوا تجربة مريحة ومتناسقة للمريض.
الدرس الأهم: المريض يريد أن “يشتري” الشعور بالثقة
المريض لا يشتري فقط حشوة، أو تركيبة، أو زراعة.
هو “يشتري” شعور الراحة، والثقة، والاهتمام.
وكلما شعر أنك تهتم فعلاً بحالته، وتشرح له، وتترك له القرار براحة نفسية، كلما اختارك وفضّلك على غيرك.
وأخيراً…
لو عدت إلى قصة النظارة… الرجل الثاني لم “يبيعني” نظارة فقط، بل باعني تجربة.
وأنا، كطبيب أسنان، تعلّمت من هذا الموقف أكثر مما كنت أظن. اليوم، أحرص في كل جلسة علاج على أن أكون ذلك الشخص الثاني: الذي يفهم، يسمع، يشرح، ويقنع بأسلوب راقٍ وإنساني.
في التدوينة القادمة…
سأشارك معكم أكبر خطأ ارتكبته في أول سنة كطبيب أسنان عام ، وكيف كاد أن يدمّر مسيرتي لولا درسي في “الاحترافية العملية”.
تابعوني، لأننا سنتعلم معاً، ليس فقط كيف نعالج الأسنان… بل كيف نُتقن مهنة الطب بروح جديدة!
تعليقات
إرسال تعليق