هل ما زالت ألمانيا تستحق العناء؟ تأملات طبيب عاش التجربة من الداخل
المقدمة:
منذ سنوات، تصلني نفس الأسئلة من أطباء مقبلين على خوض تجربة العمل في ألمانيا:
– هل تستحق ألمانيا كل هذا العناء؟
– لماذا يبدو الجميع محبطين؟
– ولماذا حتى الأطباء الذين وصلوا يشاركوننا هذا الإحباط بدلًا من التشجيع؟
أسئلة متكررة، لكن خلفها وجع وتعب حقيقي.
وهنا أشارككم وجهة نظري الشخصية، كبشر قبل أن أكون طبيبًا.
1. هل تستحق ألمانيا كل هذا العناء؟
بكل صدق؟ لا. على الأقل… ليس كما كانت من قبل.
لماذا؟
السبب بسيط: الساحة الألمانية اليوم مزدحمة. جدًا.
ففي السنوات الأخيرة، شهدت ألمانيا موجة كبيرة من الأطباء القادمين من:
- الدول العربية
- أمريكا الجنوبية
- أوروبا الشرقية
- إيران ودول آسيا الوسطى
هذا التدفق الهائل خلق ضغطًا رهيبًا على نظام المعادلة، مما جعل نقابات الأطباء وجهات Approbation غير قادرة على مواكبة العدد الهائل من الطلبات.
⬅️ والنتيجة؟
انتظار طويل، إجراءات متغيرة، تأخير غير مبرر، ومواقف كثيرة من الإحباط و”اللا جواب”.
2. الوضع الاقتصادي العام زاد الأمور سوءًا
ألمانيا تعيش منذ عام 2023 تقريبًا تراجعًا اقتصاديًا واضحًا:
- نسبة التضخم ارتفعت
- القدرة الشرائية انخفضت
- الشركات بدأت بتقليص التوظيف
- هناك أصوات سياسية متزايدة تنادي بتقليل أعداد المهاجرين، بما في ذلك الأطباء
🔴 هذه الظروف ألقت بظلالها على السياسات الرسمية، وأثّرت بشكل مباشر على:
- الهجرة النظامية
- إجراءات تعديل الشهادات
- فرص العمل المتاحة
3. لماذا هذه السلبية من المقيمين في ألمانيا أصلًا؟
هذا السؤال يؤلمني فعلًا، لكنه مهم.
الشعب الألماني – كما لاحظت بنفسي – يميل بطبعه إلى الواقعية المفرطة، والتي تتحول بسهولة إلى سلبية مزمنة.
حتى وسط كل ما يملكونه من استقرار ونظام، لا يشعر الكثير منهم بالرضا.
وهذه السلبية سرعان ما تنتقل إلى الأجانب المقيمين، فتتحول أحاديثهم إلى:
“ما فيش فايدة”
“ما تسواش كل التعب”
“لو رجعت بيّا الأيام…”
وما يزيد المشهد تعقيدًا، أن كثيرًا من الأطباء الألمان أنفسهم بدأوا بالهجرة العكسية!
لماذا؟
ببساطة لأن:
- البيروقراطية أرهقتهم
- الرواتب لا توازي الجهد
- الضرائب مرتفعة جدًا
🔁 الوجهات البديلة؟
- دول الخليج
- أمريكا
- النرويج
والنتيجة؟
فراغات جديدة في السوق، لكن بشروط أصعب، وإجراءات أطول.
4. إذًا… هل ما زال هناك أمل؟
نعم. لكنه يحتاج:
- صبر طويل
- فهم عميق للنظام
- تطوير مستمر للغة والمهارات
- دعم نفسي ومعنوي
✋🏻 ولمن يسألني إن كنت أنصح بخوض هذه التجربة؟
جوابي هو: لا تدخل هذه الساحة وأنت تظن أن الشهادة وحدها تكفي.
بل تحتاج معها:
- ذكاء في التخطيط
- شبكة علاقات قوية
- ومناعة نفسية ضد الإحباط الجماعي
الختام:
ألمانيا ليست جنة، لكنها ليست جحيمًا أيضًا.
هي ببساطة “أرض معقدة الفرص”.
ولكل من يطرق بابها اليوم…
اعرف ما ينتظرك جيدًا، ثم قرر، وكن مستعدًا أن تدفع الثمن – إن اخترت هذا الطريق
تعليقات
إرسال تعليق