عندما يتحوّل الألم إلى مساومة: دروس من عيادتي في فن التعامل مع المرضى

اليوم في العيادة، تلقيت مكالمة من مريض يعاني من ألم وانتفاخ بسيط في أحد أسنانه. المريض يتابع معنا منذ مدة، ولكن كان بعيداً عن المدينة – تحديداً على بُعد 180 كم – بسبب ظروف عمله. تحدثنا، وشرحت له أنني مستعد لمساعدته إن انطلق فوراً. بل وقلت له إنني على استعداد لكتابة إجازة مرضية في الحال إن لزم الأمر ليسهّل عليه الوصول إلينا. لكنه رفض العرض. وأصر على موقفه بأن المسافة بعيدة، ولا يمكنه الحضور. ثم ختم المكالمة بنبرة فيها نوع من اللوم: “للأسف، أنتم لا تستطيعون مساعدتي رغم أنني من مرضاكم القدامى.” هذا النوع من السيناريوهات – للأسف – ليس نادراً. كثير من المرضى يتوقعون حلاً سحرياً فورياً، وإن لم يحصلوا عليه بالطريقة التي يتصورونها، يتحول الأمر إلى ضغط نفسي أو عاطفي، وقد يُترجم لاحقاً إلى تقييم سلبي أو دعاية عكسية على الإنترنت. لكن، خلف هذا النوع من المواقف، هناك درس مهم تعلمته وأستخدمه كثيراً في حياتي المهنية: فن المفاوضة – أو كما يسميه كتاب Harvard Konzept: “افصل بين الأشخاص والمشكلة، وركّز على المصالح لا على المواقف.” في هذه الحالة، لم يكن الهدف هو الرفض، بل تقديم حلول واقعية: المجيء الآ...