المشاركات

عنوان: “عندما تتحدث كثيرًا… وتقول القليل!”

عنوان: “عندما تتحدث كثيرًا… وتقول القليل!” كان ذلك في نهاية عام 2021. تلقيت اتصالًا بخصوص مقابلة عمل في عيادة أسنان جديدة، أو بالأحرى، ما زالت في طور التشكل. الطبيبة المالكة كانت تسابق الزمن لترميم المكان، وبناء فريق عمل من الصفر. عرض العمل بدا مغريًا من الناحية المادية والمهنية، والموعد كان عند السادسة مساءً، قبل نهاية يوم العمل بنصف ساعة تقريبًا. أتذكر ذلك اليوم جيدًا، فقد كان من أكثر فترات حياتي توترًا؛ زوجتي كانت في أسابيعها الأخيرة من الحمل، وقلبي كان متعلقًا بهاتفي تحسبًا لأي طارئ. أخبرت مديرة العيادة بذلك فور جلوسنا – نوعًا من التهيئة النفسية، لي ولها. لكن شيئًا غريبًا حدث. لم تكن مقابلة عمل بالمعنى التقليدي، بل تحولت إلى مونولوج طويل. هي من تحدثت طوال الوقت، لا عن خطة العمل، ولا عن الرؤية المهنية، ولا حتى عن بنود العقد… بل عن حملها، وتجربتها السابقة في العيادات، وعن الصعوبات البيروقراطية التي واجهتها، وحتى معاناتها في التوفيق بين دورها كأم وزوجة ومديرة. ساعة، ثم ساعتان، وأنا جالس هناك كأنني أُجري دراسة حالة على شخصية من مسلسل درامي. كلما حاولت إنهاء الحديث بلطف، فتحت موضوعًا جد...

عندما يتحوّل الألم إلى مساومة: دروس من عيادتي في فن التعامل مع المرضى

صورة
اليوم في العيادة، تلقيت مكالمة من مريض يعاني من ألم وانتفاخ بسيط في أحد أسنانه. المريض يتابع معنا منذ مدة، ولكن كان بعيداً عن المدينة – تحديداً على بُعد 180 كم – بسبب ظروف عمله. تحدثنا، وشرحت له أنني مستعد لمساعدته إن انطلق فوراً. بل وقلت له إنني على استعداد لكتابة إجازة مرضية في الحال إن لزم الأمر ليسهّل عليه الوصول إلينا. لكنه رفض العرض. وأصر على موقفه بأن المسافة بعيدة، ولا يمكنه الحضور. ثم ختم المكالمة بنبرة فيها نوع من اللوم: “للأسف، أنتم لا تستطيعون مساعدتي رغم أنني من مرضاكم القدامى.” هذا النوع من السيناريوهات – للأسف – ليس نادراً. كثير من المرضى يتوقعون حلاً سحرياً فورياً، وإن لم يحصلوا عليه بالطريقة التي يتصورونها، يتحول الأمر إلى ضغط نفسي أو عاطفي، وقد يُترجم لاحقاً إلى تقييم سلبي أو دعاية عكسية على الإنترنت. لكن، خلف هذا النوع من المواقف، هناك درس مهم تعلمته وأستخدمه كثيراً في حياتي المهنية: فن المفاوضة – أو كما يسميه كتاب Harvard Konzept: “افصل بين الأشخاص والمشكلة، وركّز على المصالح لا على المواقف.” في هذه الحالة، لم يكن الهدف هو الرفض، بل تقديم حلول واقعية: المجيء الآ...

عندما يصبح الشكر واجبًا

عندما يصبح الشكر واجبًا رحلة الاستعداد للمنافسة بدأت قصتي قبل بضعة أشهر فقط من أول ظهور لي على منصة بطولة كمال الأجسام الطبيعية. كان الحلم يقترب من الواقع، وقررت أن ألجأ إلى مدرب رياضي محترف يساعدني في تحقيق أفضل مستوى من اللياقة والجاهزية. تعرفت على مدرب يتمتع بخبرة عالية وسمعة طيبة في مجال التدريب الرياضي، ولمست منذ اللقاء الأول حماسه واهتمامه بالتفاصيل. كنت مليئًا بالحماس والتوقعات؛ فهذه التجربة الجديدة كانت بوابتي نحو هدف طالما حلمت به. المدرب الخبير وفوائد التدريب انطلقنا معًا في رحلة تدريب مكثفة ومنظمة. كان مدربي خبيرًا بحق؛ فقد وضع لي برنامجًا غذائيًا وتدريبيًا دقيقًا يتناسب مع احتياجاتي وأهدافي. تحت إشرافه، بدأت أحقق تقدمًا ملحوظًا في قوتي ولياقتي، ولاحظت تغييرات إيجابية في شكل جسمي وأدائي على مدى أسابيع قليلة. كان يدفعني برفق حينًا وبحزم حينًا آخر لكي أتجاوز حدودي الشخصية وأحطم حواجز الخوف والتردد. شعرت بالامتنان لخبرته وتوجيهاته؛ فقد تعلمت منه الكثير حول الانضباط والصبر وأهمية التفاصيل الصغيرة في تحقيق الإنجاز الكبير. الطلب الذي أفسد اللحظة مع اقتراب نهاية فترة التدريب واقترا...

عندما تصبح الرياضة “عيباً” في بيئة العمل: كيف غيّرت تجربة مريرة نظرتي للإنتاجية والنجاح؟

صورة
right">في سنة 2022، كنت أعمل كطبيب أسنان في عيادة كبيرة تضم حوالي 25 موظفاً، بين أطباء ومساعدين. على الورق، كان كل شيء يبدو مثالياً: فريق كبير، تجهيزات حديثة، وإدارة من المفترض أن تكون محترفة. لكن الواقع؟ كان شيئاً آخر تماماً. الأجواء داخل العيادة كانت دائماً هستيرية، فوضى في التنسيق، وغياب كامل للنظام. مديرة العيادة كانت تمضي معظم وقتها خلف باب مكتبها المغلق، متذرعة بالهروب من “إزعاج” الموظفين وشكاواهم. لا أحد كان يسمع، ولا أحد كان يُسمَع. بعد عام من العمل هناك، قررت أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. وفعلاً، تم تعيين مدير جديد للعيادة، قيل لنا إنه يملك القدرة على إصلاح الوضع ورفع الإنتاجية. أول خطوة قام بها كانت جمع آراء الفريق. طُلب منا كتابة ملاحظاتنا ومقترحاتنا، وتقديمها خلال أسبوع. كتبت رأيي بكل صراحة وشفافية، مؤمناً أن النقد البنّاء هو أول خطوة للتغيير. لكن المفاجأة كانت أنني كنت أول من طُلب الاجتماع به. دام اللقاء ساعتين ونصف من النقاش. كنت أتحدث عن أهمية النظام، احترام أوقات الراحة، وتوفير بيئة صحية للعاملين، لكن نقطة التحول في الحديث جاءت ...

أكبر خطأ في مسيرتي كطبيب أسنان: تجاهل صوت المريض

صورة
لكل طبيب لحظات مفصلية في حياته المهنية. بالنسبة لي، كانت واحدة من هذه اللحظات في عام 2019، حين أدركت خطأً كان له تأثير كبير على مسيرتي كطبيب أسنان – خطأ لم أستوعبه إلا بعد فوات الأوان. في تلك السنة، كانت لدي مريضة شابة، أنيقة ، تعمل في مجال الحلاقة. كانت تهتم كثيرًا بمظهرها وابتسامتها 😁، وكانت تتوقع مني كطبيب أسنان أن أساعدها في تحقيق الابتسامة التي تحلم بها . في الجلسة الأولى والثانية كنت أشرح لها مدى صعوبة حالتها، والتحديات التي قد أواجهها في العلاج، والوقت والجهد الذي سأحتاجه. كنت أتكلم كثيرًا… لكنني لم أكن أستمع. بعد الجلسة الثانية، توقفت المريضة عن الحضور، وانتقلت إلى زميلي في نفس العيادة. استغربت في البداية، ثم قررت أن أسأل الزملاء عن السبب. وكانت الإجابة صادمة: “ هي لم تشعر أنك كنت تستمع إليها” 😔 . كانت تشعر أنني أتكلم فقط عن نفسي، عن صعوبة العمل، دون أن أهتم بما كانت تريده أو تحتاجه فعلاً. ومع الوقت، لاحظت أن هذه الحالة لم تكن الوحيدة. في تلك الفترة، بدأت ألاحظ تراجعًا في عدد المرضى المراجعين، وكثير منهم كانوا يطلبون الانتقال إلى أطباء آخرين . بدأت أفكر بعمق: هل هناك...

أساليب البيع المبتكرة التي يجب تعلمها في عيادة طبيب الأسنان

صورة
  منذ فترة، وبينما كنت أستعد للخروج من العيادة في وقت متأخر من المساء، انكسرت نظارتي الطبية. وبما أنني أعتمد عليها كثيراً في عملي، توجهت مباشرة إلى محل نظارات قريب في طريقي إلى المنزل. AI 🤖 Picture  دخلتُ أول محل، شرحت للفني مشكلتي، فأخذ النظارة، نظر إليها ثم قال بجفاف: “ما فيها شيء ممكن يتصلح، لازم تشتري واحدة جديدة.” سكتُّ قليلاً، فتابع بنفس البرود: “عندنا موديلات تبدأ من 200 يورو، روح شوفهم هناك.” لم أشعر بأي رغبة في الشراء، لم يبدُ مهتماً، لم يحاول أن يفهم احتياجي ولا أن يساعدني فعلاً. خرجت من عنده واتجهت إلى محلٍ آخر. استقبلني شخص آخر بابتسامة وقال: “خليني أشوف النظارة… أوه، هاي الموديل قديم شوي، بس تقدر تمشي حالك به لليوم. بس خليني أفرجيك موديل جديد طالع هالأيام، أخفّ، أقوى، وشكلك حيطلع فيه ممتاز!” خلال عشر دقائق، كنت قد اقتنعت ودفعت أكثر مما كنت أنوي، بل وأنا راضٍ وسعيد. لم يكن الموضوع في السعر، بل في الأسلوب. كان هذا الرجل الثاني يملك شيئاً نفتقده كثيراً في عياداتنا الطبية… فن البيع. البيع ليس عيباً… بل ضرورة! كأطباء أسنان، نحب أن نركّز على الجانب الط...

يوم من غير اكشن 6

صورة
بعد ارسال سيرتي الذاتية إلى فرصة عمل في مدينة ديسلدورف و بالتحديد بعد حوالي اسبوع اتصل بي صاحب العيادة: ، اول جملة قالها في الهاتف أنت فعلاً محضوض أنا ادعوك للقدوم إلى ديسلدورف لمقابلة عمل. سوف أجعلك تشعر بالراحة و الفخر. سوف تناسبك فرصة العمل وستصبح مليونير بفضلي. أنا بصراحة في تلك اللحظة كنت في الطريق اي يعني في السيارة ولم اخد الشخص المتصل بمحمل الجد! قلت في نفسي من هوا المجنون المليونير الذي سوف يجعلني مليونير؟ ردي كان حسنا سوف أفكر بالأمر. تفكر في الأمر!؟ وهل هدا يحتاج تفكير 💭 قلت لك مليونير! وانت سوف تفكر في الأمر! مادا كنت ستفعل لو كنت في مكاني؟ على اي حال سافرت في النهاية إلى مدينة ديسلدورف و تحصلت على الوضيفه . بالتحديد بعد 3 اشهر قدمت استقالتي. و رجعت الى المدينة التي بدأت منها. لت أتكلم كثيراً في تفاصيل القصة، ولاكن في تفاصيل الطبيب الدي سوف يجعل مني مليونير. من اول يوم في المقابلة الشخصية كان اللقاء غير مريح و في بيئة غير مناسبة و لاكن الدي اعمى عني الحقيقة في تلك اللحضة هوا وصفة المليون المجنونة! كيف؟ صاحب العيادة كانوا موظفوه اكثرهم من أطباء دو خلفية مهاجرة او اجانب لم...